يتوقع أن تشهد بريطانيا موجة هروب كبيرة للأثرياء الذين يبدون غضبهم من قرار حكومي سيؤدي الى فرض ضرائب جديدة عليهم، ويُنهي الاعفاء الضريبي الذي كان يتمتع به كثير من الأثرياء الذين اختاروا الاقامة في بريطانيا.
وجاءت هذه التوقعات في أعقاب إعلان وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت يوم الأربعاء الماضي في بيان الموازنة أمام البرلمان إلغاء الإعفاء الضريبي للمقيمين في بريطانيا والمسجلين ضريبياً في الخارج (Non Domicile)، وهو إعفاء يتمتع به كثير من الأثرياء الذين اختاروا أن يعيشوا في بريطانيا مع إبقاء أموالهم وأعمالهم وأرباحهم في الخارج.
وأوضح هانت بخصوص القانون الجديد: “يبدأ إلغاء نظام الإعفاء الضريبي الحالي الذي يعفي عائدات وأرباح هؤلاء من الضرائب في أبريل 2025، وسيكون لدى المستفيدين منه فترة خفض ضرائبية لمدة عام، أي السنة المالية 2025/ 2026، بنسبة 50 في المئة. أما كل من يأتي إلى بريطانيا منذ ذلك التاريخ، فسيكون لديه فترة إعفاء مدة أربعة أعوام على أي دخل أو أرباح من الخارج، وبعدها يدفع ضرائب على أية ثروة له مصدرها الخارج طبقاً لشرائح ضرائب الدخل والأرباح التي يخضع لها المواطنون والمقيمون في بريطانيا”.
وقال أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة لندن، الدكتور ناصر قالوون، في حديث خاص مع “العربية.نت” إن نسبة كبيرة من هؤلاء هم مواطنون أثرياء من دول الخليج العربي، حيث يختارون الإقامة في بريطانيا والاستفادة من هذا الإعفاء لإبقاء أموالهم واستثماراتهم وشركاتهم وأعمالهم في بلادهم الأصلية.
وبحسب تقرير نشره موقع “اندبندنت عربية”، واطلعت عليه “العربية.نت”، فإن عدداً كبيراً من الأثرياء الذين يقيمون في بريطانيا ويتمتعون بإعفاء ضريبي كامل أصبحوا في حالة من الغضب وقد ينتهي بهم الأمر الى مغادرة البلاد لتجنب دفع مبالغ ضخمة من أموالهم كضرائب للحكومة البريطانية.
ولفت الموقع الى أن الغضب يتصاعد في أوساط الأثرياء من رجال الأعمال الذين اختاروا الإقامة في بريطانيا دون دفع أية ضرائب فيها، ويهدد أغلبهم بمغادرة البلاد إلى أماكن أخرى أكثر تسهيلاً في ما يتعلق بالنظام الضريبي.
لكن قالوون يستبعد بأن يؤدي هذا القرار الجديد الى موجة هروب للأثرياء الى خارج بريطانيا، مضيفاً: “أعتقد أن هذا القرار لا يعدو عن كونه فقاعة انتخابية، حيث أن حزب العمال المعارض هو الذي تحدث عن هذا الأمر سابقاً، ولذلك فان حزب المحافظين الحاكم يريد استباق الانتخابات بالاعلان عن إلغاء هذا الإعفاء الضريبي”.
ويستبعد قالوون على أية حال أن يؤدي هذا القرار الى موجة هروب كبيرة للأثرياء، مشيراً الى أن “بريطانيا ستظل جاذبة لهم”. ويلفت الى أن “أصلاً كان يتوجب على هذه الفئة أن تدفع مبلغاً مقطوعاً وثابتاً نظير الاقامة في بريطانيا”.
ويهدف وزير الخزانة البريطاني الى توفير 2.7 مليار جنيه استرليني (3.4 مليار دولار) سنوياً اعتباراً من السنة المالية 2028/ 2029 تحصلها الخزانة العامة نتيجة إلغاء الإعفاء الضريبي، لكنه في الواقع قد يحرم الخزانة من 8.5 مليار جنيه استرليني (10.8 مليار دولار) تحصل عليها بريطانيا من هؤلاء المقيمين المسجلين ضريبياً في الخارج في ظل الإعفاء.
ووجد بحث أجرته كلية لندن للاقتصاد أن إلغاء الاستثناء الخاص من شأنه أن يرفع إيرادات الحكومة أكثر من 3.2 مليار جنيه إسترليني سنويا، وهو أمر يمكن أن يساعد في تمويل التخفيضات الضريبية الأخرى. وتتوقع توقعاتهم أن 0.3 في المائة فقط من الأشخاص الذين لا يتمتعون بوضع الإقامة سيغادرون البلاد في هذا السيناريو.
وأشار الباحثون إلى أن هناك حوالي 37 ألف شخص يتمتعون حالياً بالإعفاء الضريبي لغير المقيمين في بريطانيا، لكنهم ما زالوا يدفعون ضرائب إجمالية تبلغ بقيمة 6 مليارات جنيه إسترليني. ويقول الباحثون إن “أي تغيير كبير قد يؤدي إلى مغادرة الكثير منهم للبلاد، آخذين معهم هذه الإيرادات”.
وفي تحقيق سابق لصحيفة “فاينانشيال تايمز” يقول المدير في شركة الاستشارات القانونية “بيرغس سالمون” إدوارد هايز: “لم يتوقف الهاتف عن الرنين وامتلأ صندوق الوارد في بريدي الإلكتروني. هناك خيبة أمل هائلة لدى كثير من العملاء الذين يشعرون انهم أتوا إلى بريطانيا بحسن نية بينما تتغير القواعد والقوانين فجأة في منتصف الطريق”.
ووصف رجل أعمال أوروبي يقيم في بريطانيا منذ أكثر من 10 سنوات ومسجل في الخارج ضريبياً قرار الحكومة بإلغاء الإعفاء الضريبي بأنه “جنون تام”، ويضيف أنه “لم يتوقع أحد ذلك. سنترك لندن وننتقل إلى سويسرا”.
المصدر : العربية